الكهرباء من أهم مكتشفات الحضارة الإنسانية الحديثة. أغنت الإنسان بمصابيحها الكهربائية, وكشافاتها الضخمة عن إنارة البيوت, والطرقات, والمساجد, والمدارس, والمكاتب, والمكتبات, والميادين, وغيرها في المدن والقرى بفتائل الزيت, والكيروسين, والشموع, والفوانيس, والشعلات, وأغنت الناس عن إضرام النيران للاستكشاف والإرشاد, وقديما قالت العرب- في تصوير المعلوم المشهور من الناس-: نار على علم, أي على جبل. وكانت الكهرباء سببا في تطوير وسائل المواصلات السريعة كالسيارات, والطائرات, والسفن, بل هي سبب اختراع وسائل الاتصال الحديثة من أجهزة المذياع, والتلفاز, والهاتف, والحاسوب. والكهرباء أيضا هي مصدر الطاقة للتدفئة, والتسخين, والتبريد, والتجفيف. وهي كذلك مصدرها لأجهزة التحليل, ولآلات الجراحة, والتصوير, ولشبكة المعلومات, وللمصانع الضخمة, والروافع الجبارة, وهلم جرا.
فالكهرباء طاقة جبارة تمثل شريانا من شرايين الحضارة المعاصرة تعمل الدول على توليدها بالوسائل المتاحة من نفط , ومساقط مياه, وطاقة شمسية, وطاقة متجددة. وهي لأهميتها تعمل الدول في اتفاقياتها, على تبادلها لتحقيق حياة عصرية كريمة لمجتمعاتها. فالفرق الكبير بين الدول الصناعية وغيرها يرجع في جانب كبير منه إلى توفير الطاقة الكهربائية واستعمالها بالشكل اللازم, وهي التي لا تكاد تعرف انقطاعا في تلك الدول, وإذا أريد قطعها لسبب ما تم إبلاغ أهل المنطقة بذلك قبل القطع بوقت كاف ليتخذ الناس احتياطهم لذلك, فلا تتأخر أعمالهم. وقد اخترعت النضائد, والمولدات للكهرباء, وأجهزة الشحن الاحتياطي لتفادي فقدان الكهرباء فجأة لما يترتب على ذلك من أضرار وأخطار.
وفي هذا الإطار نتأمل أساليب التهاون في استخدامنا للكهرباء, فإضاءة الثريات ذوات المصابيح المتعددة طوال الوقت, وكذلك ترك مصابيح المكاتب الحكومية والمنازل, وترك أجهزة التكييف تشتغل في غياب الموظفين والسكان. وتوصيل الكهرباء بطرق غير شرعية للمساكن, وفي المناسبات الاجتماعية وغير الاجتماعية لعدة أيام , كل ذلك وغيره يعد إهدارا للطاقة الكهربائية, وتحميلا للمحطات المتهالكة فوق طاقتها, وهو ما يسبب تفجيرها وحرمان المواطنين من الحصول على التيار الكهربائي, مع ما يترتب على ذلك من أضرار أيسرها فساد المواد الغذائية. والنبي-صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث الصحيح:" لا ضرر ولا ضرار".