القرآن الكريم كتاب الله المنزل على قلب نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- خلال ثلاث وعشرين سنة, هي مدة بعثة النبي-صلى الله عليه وسلم- منها ثلاث عشرة سنة بمكة المكرمة, قبل الهجرة النبوية, وعشر سنين بالمدينة المنورة بعدها. ابتدأ نزوله ليلة القدر, في العشر الأواخر من رمضان, كما قال –تعالى- في سورة(البقرة:184):"شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" وكان أول ما نزل منه على النبي-صلى الله عليه وسلم- خمس آيات من أول سورة (العلق:1-5):" اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم".
وحّد القرآن بلغته الفصحى لهجات العرب الفصيحة, كلهجة قريش, ولهجة تميم , ولهجة هذيل. ودفع حرص المسلمين على تلاوة القرآن وحفظه منزها عن الخطأ إلى وضع علوم اللغة العربية, والقراءات والتجويد, وفنّي الرسم والضبط, كما دفعهم حرصهم على فهمه وتدبره إلى وضع علوم التفسير والفقه وأصوله وغيرها, وبذلك كان للقرآن فضل ظهور العلوم العربية والإسلامية التي تدور في فلك القرآن خدمة له, وتقتبس من معينه الفياض. ومن ذلك ما عرف بالتفسير الفقهي, واللغوي, والنحوي, والعلمي, ونحوها. وكان أستاذنا العلامة المربي عمر التومي الشيباني -رحمه الله تعالى- في آخر عمره عاكفا على تفسير القرآن تربويا, ملتمسا في القرآن الكريم مبادئ وأصول التربية الإسلامية. ففي كل عصر يهدي الله العلماء إلى اكتشاف الجديد في القرآن الكريم. قال –تعالى- في سورة(القمر:40)" ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر"
فمن قبسات القرآن الأولى ما فهمه سيدنا عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- في شأن أقل مدة للحمل, وهي ستة أشهر من الجمع بين آية سورة(لقمان:13 ): "حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين" والمراد بالوهن: الضعف, والفصال : الفطام. وآية سورة (الأحقاف:14):"ووصينا الإنسان بوالديه حسنا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا". وفهم أهل الطب من الآيات الأولى لسورة العلق المتقدمة إشارة علمية إلى الحيوان المنوي الذي يتخلق منه الكائن الحي , وثبت عندهم أنه يتعلق بجدار الرحم. كما فهم بعضهم من آية سورة (القيامة:4):" بلى قادرين على أن نسوي بنانه" إشارة صريحة إلى ما يعرف ببصمات الأصابع. فليت المؤسسات العلمية والإسلامية تعمل على نشر الدراسات الجادة لفهم القرآن وتدبره, خدمة للإسلام والتعريف بدعوته الصادقة.