أدولة مدنية أم حل سياسي؟
يسعى الليبيون إلى التخلص مما يعانونه من التشرذم، والاحتراب، وتدخلبني جلدتهم، والدول الأجنبية، بما في ذلك الأمم المتحدة في شؤون بلادهم؛ بدعاوى مساعدتهم على إقامة دولتهم موحدة، واستقرارهم، وحفظ دمائهم، وهي لعمري أهداف مغرية بالقبول، بل بالثناء والتقدير على أصحابها، مع ما لا يخفى من مصالحهم التي يسعون لتحقيقها، بصرف النظر عما يحيق بليبيا وأهلها ومستقبلهم، ولهذا يتخذ كل متدخل أدوات يعتمد عليها في تحقيق أهدافه، كالقوة الباطشة، والنعرة القبلية، والتدين الأجوف.
والليبيون يدركون أنه ما من أحد يحرص على سلامتهم وسلامة دينهم وبلادهم وثرواتها حرص الأنقياء الناصحين لهم، المقدرين لتضحيات أبنائهم في ثورتهم المباركة لاسترداد بعض حقوقهم، والحريصين على إقامةالعدل والإنصاف، وعدم الإفلات من القضاء لإعطاء كل ذي حق حقه، كما يأمرنا ديننا الحنيف، ومثلما هو مطبق في بعض المجتمعات الإنسانية.
وإذا ما أردتَ أن تعرف المخلص في دعواه بأنه حريص على نهوض ليبيا من كبوتها، والدعيّ المنافق الذي يظهر خلاف ما يبطن، ويعمل لنفسه أو لغيره؛ فتأمل في نوعالحل الذي يدعو إليه؛ فالليبيون الحريصون على إقامة دولتهم حقا وصدقا يطالبون بدولة مدنية، لا سلطة فيها لعسكري يعيدها سيرتها الأولى التي كانت عليها خلال زمن التيه الكريه، وإنما تقودها مؤسسات مسؤولة وسلطات شرعية غير مغتصبة للسلطة، ولكن تتداول على حكم البلاد سلميا، أما الطرف الآخر فإنه يدعو إلى حل سياسي؛ بمعنى ألا يتولى إدارة الدولة مسؤول بانقلاب مفضوح لا سند له من التشريعات الدولية، ولكنه يمكن للانـقلابي التسلل إلى السلطة من خلال اتفاق سياسي، ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب، ليسيطر على البلاد فيما بعد، ويثبت أركان دولة يتوارثها أبناؤه- لا قدر الله- بقرة حلوبا لهم ولأعوانهم، كما كانت بالأمس القريب. اللهم سلم، يارب.